في زمن تسارع الثورة الرقمية وتوسع الفضاء الرقمي، بات العنف الرقمي ضد النساء والفتيات جائحة صامتة تهدد كرامتهن وسلامتهن النفسية والجسدية. أطلق المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب، يوم الأربعاء 26 نونبر، حملة وطنية تحت شعار "منسكتوش على العنف" لمناهضة هذا النوع الخطير من العنف. تستمر الحملة حتى 10 دجنبر، وهي تأتي استجابة للتحديات التي فرضتها التكنولوجيا الحديثة، بهدف تعزيز ثقافة الاستخدام الآمن للتكنولوجيا وحماية حقوق النساء في الفضاء الرقمي.

العنف الرقمي: جائحة صامتة تؤثر على النساء والفتيات

ما هو العنف الرقمي؟

العنف الرقمي هو استخدام التكنولوجيا، خصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، لممارسة أشكال متعددة من العنف ضد الأفراد، وبخاصة النساء والفتيات. يشمل ذلك التحرش الإلكتروني، الابتزاز، التنمر، نشر الصور أو المعلومات الشخصية بدون موافقة، وغيرها من الانتهاكات التي تستهدف كرامة الضحايا وسلامتهن.

واقع العنف الرقمي في المغرب

بحسب المندوب السامي للتخطيط، شكيب بنموسى، تتعرض الفئات الشابة والنساء في وضعيات هشّة، خصوصًا العازبات والطالبات وذوات المستوى التعليمي العالي، لمظاهر العنف الرقمي المتزايدة. وتتنوع هذه الأشكال بين التشهير والابتزاز والتنمر الرقمي والتعليقات المسيئة التي قد تؤدي إلى آثار نفسية واجتماعية خطيرة.

حملة "منسكتوش على العنف": أهداف واستراتيجيات

الندوة الوطنية وأهمية الحملة

نظم المجلس ندوة وطنية بعنوان "العنف الذي تيسره التكنولوجيا ضد النساء والفتيات، جائحة رقمية صامتة"، لتعزيز النقاش المجتمعي حول هذه الظاهرة. وتهدف الحملة إلى:

  • ترسيخ حماية حقوق النساء والفتيات في الفضاء الرقمي.

  • النهوض بثقافة سلامة وأمن استخدام التكنولوجيا.

  • تشجيع الفتيات على التبليغ عن حالات العنف الرقمي.

  • تسليط الضوء على مسؤوليات المنصات الرقمية الكبرى في مكافحة العنف.

الأنشطة الميدانية والتوعية

تتميز حملة هذا العام بقافلة ميدانية تزور 12 جهة ومدينة خلال 16 يوماً، بالإضافة إلى إقامة رواق تفاعلي للتوعية بالمخاطر الرقمية وكيفية الوقاية منها.

تحديات العنف الرقمي ودور التكنولوجيا

التحول الرقمي بين الفرص والمخاطر

أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، أن الفضاء الرقمي أصبح مجالاً للإقصاء والتمييز في أشكال جديدة. فالعنف الرقمي، بفضل خصائص العالم الافتراضي، يمس كرامة وسلامة الضحايا ويتعدى التأثير ليصل إلى حياتهن اليومية.

مسؤولية المنصات الرقمية

يلعب الإعلام الرقمي والمنصات الاجتماعية دورًا مزدوجًا؛ فهي تسهل التواصل لكنها قد تكون أيضًا بيئة لترويج العنف والتحرش. لذلك، من الضروري أن تتحمل هذه المنصات مسؤولياتها عبر تنفيذ سياسات صارمة للحد من الانتهاكات.

آراء وتوصيات من خبراء وممثلين دوليين

مقاربة شمولية لمكافحة العنف الرقمي

أكدت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب، مريم أوشن النصيري، ضرورة اعتماد مقاربة شمولية تجمع بين التوعية والحماية وتحديث الإطار القانوني، لخلق فضاء رقمي أكثر أمانًا للنساء والفتيات.

الاعتبارات الخاصة لفئات معينة

أشارت ماري لويز أبومو، مفوضة اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان، إلى أن النساء المسنات وذوات الإعاقة يتعرضن لأشكال خاصة من العنف الرقمي نتيجة وضعهن المزدوج، مع ضرورة توفير الحماية لهن ضد الإقصاء والنبذ.

الحاجة إلى تطوير الإطار القانوني

أكدت نهلة حيدر، رئيسة لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة، أن القوانين الحالية لا تغطي معظم الانتهاكات الرقمية، مما يتطلب تكاتف جهود الدول والقطاع الخاص لتطوير أطر قانونية وسياسات فعالة.

استخدام التقنية لتعزيز الوعي

تميز اللقاء باستخدام تقنية (Mapping) التفاعلية على واجهة مقر المجلس، مما أضفى بُعدًا بصريًا مبتكرًا لزيادة الوعي بأهمية مكافحة العنف الرقمي.

كما تم افتتاح رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان للتوعية بمحج الرياض، لتعزيز وعي الجمهور بالمخاطر الرقمية وطرق الوقاية منها.

 دعوة للتفاعل والمشاركة الفعالة

يعد العنف الرقمي ضد النساء والفتيات تحدياً مجتمعياً يتطلب تضافر جهود الجميع، من مؤسسات حكومية، ومجتمع مدني، ومنصات رقمية، وأفراد. لذا، من الضروري أن نتحد جميعًا لنقول "لا" لهذا العنف، وأن نرتقي بفضاءنا الرقمي ليكون آمنًا ومحترمًا للجميع. شارك في الحملة، انشر الوعي، وكن جزءًا من الحل!