في إطار الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز الولوج إلى الخدمات الصحية بالمناطق القروية والجبلية، حطّت القافلة الطبية متعددة التخصصات بجماعة مغراوة الرحال بدوار تيسيدال (إقليم تازة)، يوم الأربعاء 27 نونبر، مقدمةً خدمات صحية مجانية ومتكاملة لفائدة السكان، خصوصًا في ظل الظروف المناخية الصعبة التي تعرفها المنطقة مع اقتراب فصل الشتاء.

وتأتي هذه المبادرة في سياق تنفيذ برنامج "رعاية 2025-2026" الذي يهدف إلى التخفيف من آثار موجة البرد وضمان تكافؤ الفرص في العلاج والرعاية الصحية بين مختلف فئات المجتمع.

القافلة الطبية بمغراوة: نموذج ناجح للرعاية الصحية القروية

شراكة متعددة الأطراف لخدمة ساكنة الجبال

تم تنظيم القافلة الطبية بشراكة فعّالة جمعت بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والمندوبية الإقليمية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بتازة، وجماعة مغراوة.
هذه المقاربة التشاركية مكّنت من تعبئة الطواقم الطبية والتمريضية، والموارد اللوجيستيكية، والتجهيزات الضرورية لإجراء فحوصات شاملة تستجيب لأولويات الساكنة المحلية.

تكتسي جماعة مغراوة أهمية خاصة باعتبارها من المناطق المهددة بموجات البرد، خاصة دواوير تيسيدال والصهريج، ما يجعل تدخلات الرعاية الصحية الموسمية ضرورة قصوى وليست مجرد مبادرة ظرفية.

589 مستفيدًا من فحوصات طبية دقيقة ومتنوعة

استشارات واسعة في الطب العام لفائدة الساكنة

شكّلت الاستشارات الطبية العامة المحور الرئيسي للقافلة، حيث استفاد 178 شخصًا من فحص طبي شامل مكّن من تشخيص أمراض مزمنة، والتوعية، وتقديم العلاج المناسب.

رعاية خاصة للأطفال والنساء

اهتمت القافلة بشكل كبير بصحة الفئات الهشة، وخاصة الأطفال والنساء.
وقد شملت الخدمات:

38 فحصًا للأطفال شملت تقييم النمو، وتحديد علامات سوء التغذية، والكشف عن أمراض الطفولة الشائعة.
41 فحصًا في طب النساء والتوليد ركّزت على المتابعة الصحية للحوامل، والكشف المبكر عن بعض الأمراض النسائية.

هذه الخدمات تأتي تماشيًا مع السياسة الوطنية لتعزيز صحة الأم والطفل في العالم القروي.

اختبارات الكشف المبكر: خطوة وقائية أساسية

الكشف عن الأمراض المزمنة

تضمن برنامج الكشف المبكر ما مجموعه:

  • 178 كشفًا عن داء السكري والضغط الدموي
  • 13 كشفًا مبكرًا عن داء فقدان المناعة المكتسبة (السيدا)
  • وتُعد هذه الفحوصات ضرورية في ظل الارتفاع العالمي للأمراض المزمنة، وما تفرضه من ضرورة التشخيص المبكر والمتابعة الدورية.

الكشف عن الأمراض المنتقلة جنسيًا والالتهابات الفيروسية

قامت القافلة أيضًا بإجراء:

  • 31 كشفًا عن داء الزهري
  • 31 كشفًا عن الالتهاب الفيروسي الكبدي من نوع (س)

ما يعكس الاهتمام المتزايد بالجانب الوقائي والصحة العامة داخل المناطق القروية.

متابعة طبية ميدانية تشمل الصحة المدرسية والتلقيح

الصحة المدرسية: ركيزة لحماية أجيال المستقبل

قدّمت الطواقم الصحية 32 فحصًا يهم الصحة المدرسية، شملت تقييم السمع والبصر ونمط التغذية، وهو ما يساعد على تحسين التحصيل الدراسي والحد من الأمراض الشائعة بين التلاميذ.

التلقيح: حماية متواصلة من الأمراض الموسمية

عرفت القافلة الطبية تقديم:

تلقيح 5 أطفال دون سن الخامسة ضد الأمراض الأساسية.
تلقيح 12 شخصًا ضد الزكام، خصوصًا من كبار السن والفئات الهشة.

هذه العملية تأتي في وقت يتزايد فيه الطلب على اللقاحات الموسمية مع انخفاض درجة الحرارة.

خدمات إضافية: فحوصات متخصصة وتوعية صحية

العلاجات التمريضية والفحوصات المتقدمة

قدّم الفريق الطبي:

  • 42 خدمة تمريضية
  • 4 حالات استفادت من تخطيط القلب ECG
  • 16 فحصًا بالصدى (الإيكوغرافيا)

هذه الفحوصات المتقدمة تُعد قيمة مضافة مهمة داخل مجال طبي يفتقر غالبًا للتجهيزات المتخصصة في المناطق الجبلية.

80 حصة توعوية لتعزيز الثقافة الصحية

لم تقتصر القافلة على الفحص والعلاج فقط، بل ركزت أيضًا على الجانب التوعوي من خلال:

  • جلسات توعية حول الوقاية من الزكام
  • نصائح للتعامل مع البرد القارس
  • توجيهات حول التغذية السليمة
  • تعريف بأعراض الأمراض المزمنة وكيفية مراقبتها

الوعي الصحي يعتبر الخطوة الأولى لحماية المجتمع وتقليل العبء على المنظومة الصحية.

برنامج "رعاية 2025-2026": رؤية ملكية لتعزيز العدالة الصحية

مدة العملية وأهدافها

تنفذ عملية "رعاية 2025-2026" خلال الفترة الممتدة من 15 نونبر إلى 30 مارس، تنفيذًا للتعليمات الملكية السامية الرامية إلى التخفيف من آثار موجة البرد، خصوصًا داخل المناطق الوعرة والجبلية.

يرتكز البرنامج على:

  • تقريب الخدمات الطبية من السكان
  • تعزيز التكافؤ في الولوج إلى العلاج
  • حماية الفئات الأكثر هشاشة
  • تشخيص الأمراض المزمنة والمتنقلة
  • تقديم الدعم الصحي الموسمي في وقت الحاجة

أهمية البرنامج لسكان مغراوة

تعتبر جماعة مغراوة من المناطق التي تتضرر سنويًا من انخفاض درجات الحرارة، الأمر الذي يضاعف الحاجة إلى خدمات صحية متنقلة قادرة على الوصول إلى التجمعات السكانية البعيدة.
وبالتالي، تمثل هذه القافلة إحدى أبرز مبادرات البرنامج، وواحدة من العمليات الميدانية التي تعكس البعد الإنساني والحماية الاجتماعية للمملكة.

 أثر مجتمعي يعكس قوة العمل الصحي الميداني

أبرزت القافلة الطبية متعددة التخصصات بجماعة مغراوة أهمية التدخلات الصحية المتنقلة، ودورها الكبير في تعزيز الصحة العامة ومواجهة التحديات المناخية القاسية.
فبفضل جهود كل الشركاء—من مبادرة وطنية، وقطاع صحي، وجماعة ترابية—تمكن حوالي 589 شخصًا من الحصول على فحوصات طبية دقيقة، وعلاجات، وتوعية، مما يضع هذه العملية كأنموذج يحتذى به في العمل الصحي الميداني بالمغرب.

وتؤكد هذه المبادرات أن الصحة حق أساسي للجميع، وأن دعم ساكنة الجبال والمناطق الهشة سيظل أحد أعمدة السياسة الصحية الوطنية.