في حدث فني لافت، خطفت مسرحية "أدناس" الأضواء خلال اختتام الدورة الخامسة والعشرين من المهرجان الوطني للمسرح، بعد أن تمكنت من حصد الجائزة الوطنية الكبرى للمسرح إلى جانب ثلاث جوائز أخرى، لتؤكد مرة أخرى الحضور القوي للإبداع المسرحي المغربي وقدرته على منافسة أبرز العروض الوطنية. هذا التتويج لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة عمل دؤوب ورؤية فنية متكاملة قدمتها فرقة "ذاكرة قدماء ذاكرة مدينة" من خريبكة.

مسرحية "أدناس" تتصدر المهرجان الوطني للمسرح 2025

أربع جوائز كبرى تؤكد قوة العمل المسرحي

استطاعت مسرحية "أدناس" أن تنتزع أربع جوائز من أصل ثماني تُمنح ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، وهو رقم يعكس قوة العرض حضوريًا وفنيًا. فقد حصدت:

  • الجائزة الوطنية الكبرى للمسرح
  • جائزة الملابس (صفاء كريت)
  • جائزة السينوغرافيا (صفاء كريت)
  • جائزة التشخيص النسائي (هند بلعولة)

صفاء كريت: لمسة فنية تحسم سباق الملابس والسينوغرافيا

قدّمت المصممة صفاء كريت عملاً بصريًا احترافيًا يزاوج بين الإبداع والبساطة، ما مكنها من الفوز بجائزتين رئيسيتين. وقد اعتُبرت السينوغرافيا عنصرًا حاسمًا في نجاح العرض، بفضل قدرتها على خلق فضاء بصري متكامل يخدم النص والممثلين.

هند بلعولة… أداء يلامس العمق الإنساني

صالحت الممثلة هند بلعولة الجمهور مع التشخيص النسائي القوي، من خلال أدائها المؤثر في المسرحية، والذي منحها جائزة "أحسن تشخيص إناث"، وسط إشادة لجنة التحكيم التي أكدت أن الدور استند إلى حس درامي متوازن وفهم عميق للشخصية.

مسرحية "الحراز": تتويج الأمل وتأكيد موهبة جيل جديد

لم يكن حدث الدورة محصورًا فقط على "أدناس"، فقد حصدت مسرحية "الحراز" نصيبها من التتويج، حيث نالت:

  • جائزة الأمل لدعم الفنانين الشباب
  • جائزة الإخراج (أمين ناسور)

أمين ناسور… رؤية إخراجية تنقل المسرح المغربي إلى المستقبل

عبّر المخرج أمين ناسور عن سعادته بالدعم الذي ناله عمله، مؤكدًا أن المسرحية التي شارك فيها خريجو الدفعة 35 من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي تشكل نموذجًا لطاقات صاعدة تستحق الاحتضان. وأضاف أن نجاح "الحراز" يعكس مستوى التكوين الأكاديمي الذي يتلقاه جيل جديد من المسرحيين.

جوائز أخرى تُبرز تنوع الإبداع المسرحي المغربي

جائزة التشخيص ذكور… فوز مناصفة لوجوه مسرحية واعدة

نال كل من:

  • رضا بنعيم عن دوره في مسرحية "عظم السما"
  • نور الدين زوال عن دوره في مسرحية "رحلة"

هذا التتويج المزدوج يعكس غنى التجارب المسرحية المتنافسة، وقدرة الفنانين على تقديم أدوار مركبة تتطلب حضورًا عاليًا على الركح.

جائزة النص المسرحي… بين الممانعة والبحث في الأعماق

عادت الجائزة مناصفة إلى:

  • شيماء الموزين عن نص "ممانعة"
  • علي الداه عن نص "عظم السما"

وقد أكدت لجنة التحكيم أن النصوص المتنافسة تميزت بطرح أسئلة إنسانية وجمالية جديدة، مع اقتحام مواضيع غير مألوفة بمعالجات مبتكرة.

تقرير لجنة التحكيم: إشادة بالإبداع وتحذير من الفوضى البصرية

أوضح رئيس اللجنة خالد أمين أن مستوى الأعمال المشاركة يعكس "الراهن الجمالي للمسرح المغربي"، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى ملاحظات مهمة تتعلق بـ:

  • هيمنة التقنيات البصرية والوسائط بشكل مبالغ فيه
  • سوء فهم الدراماتورجيا بما يؤثر على انسجام العرض
  • تحويل المسرح من لقاء حي إلى عرض تقني

هذه الملاحظات تأتي كمؤشر نقدي لتوجيه الفرق الفنية نحو احترام روح المسرح الحي.

نجاح جماهيري كبير وبرنامج فني غني

إقبال لافت يعكس مكانة المهرجان

أكد هشام عبقري، مدير الفنون بقطاع الثقافة، أن الدورة الحالية شهدت إقبالًا جماهيريًا واسعًا، بفضل مشاركة فرق تمثل مختلف جهات المغرب.

برمجة متنوعة تنفتح على المجتمع

من جهته، أبرز مدير الدورة ياسين أحجام أن البرنامج جاء غنيًا ومتنوعًا، وتضمن:

  • فقرة "رواد"
  • ماستر كلاس لفائدة الطلبة
  • تكريم شخصيات مسرحية بارزة
  • ندوات فكرية
  • عروض احترافية داخل مؤسسات اجتماعية: السجن المحلي ومركز ذوي الهمم

هذا الانفتاح يعكس فلسفة جديدة تسعى إلى جعل المسرح في متناول مختلف فئات المجتمع.

المشاركة الفنية: 12 عملاً داخل المسابقة وعروض موازية

عرفت الدورة مشاركة 12 عملًا مسرحيًا ضمن المسابقة الرسمية، إلى جانب عروض أخرى خارج المسابقة، مما يؤكد ثراء الإنتاج المسرحي الوطني وتنوعه.

 تتويج "أدناس"… رسالة فنية تعزز مسار المسرح المغربي

إن تتويج مسرحية "أدناس" بالجائزة الوطنية الكبرى للمسرح هو تتويج لمسار طويل من العمل والإبداع، ورسالة تؤكد أن المسرح المغربي لا يزال ينبض بالحياة ويملك القدرة على التجدد. دورة 2025 لم تكن مجرد منافسة، بل كانت منصة لالتقاء التجارب، ومختبرًا للإبداع، واحتفالًا بروح المسرح المغربي الذي يستمر في الإشراق عامًا بعد عام.