منذ إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005 على يد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اختارت المملكة نهجًا قائمًا على الاستثمار في الإنسان ودعم البنيات الصحية الأساسية، خاصة في المناطق القروية التي تعاني من خصاص كبير في الخدمات الطبية. ويعد المركز الصحي القروي بجماعة أولاد داحو بعمالة إنزكان–آيت ملول نموذجًا بارزًا لثمار هذا الورش الوطني الكبير، حيث يشكل إضافة نوعية للعرض الصحي ويقرب الرعاية من الساكنة المحلية.
المركز الصحي القروي بأولاد داحو: بنية صحية نموذجية في خدمة المواطنين
إحداث المركز الصحي القروي من المستوى الثاني بجماعة أولاد داحو يدخل ضمن دينامية متواصلة تروم تعزيز البنيات الصحية في العالم القروي. وقد جاء هذا المشروع استجابة لحاجيات ملحة لدى الساكنة، وتعبيرًا عن التزام المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بترسيخ العدالة المجالية في الولوج للخدمات الأساسية.
يتوفر المركز على تجهيزات حديثة وفضاءات علاج متطورة، تتوزع بين قاعتي ولادة، وقاعة للفحص والكشف بالصدى، وفضاء خاص بالقابلات والعلاجات المركزية، إضافة إلى مرافق تنظيمية وإدارية توفر للمهنيين بيئة عمل مناسبة وأكثر فعالية.
ورش ملكي متواصل لتحسين العرض الصحي وحماية الفئات الهشة
يمثل هذا المشروع جزءًا من رؤية أعم تشمل مختلف جهات المملكة، حيث تضع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية صحة المواطنين وخاصة النساء والأطفال في قلب أولوياتها. ومع كل مرحلة من مراحلها الثلاث، تتعزز البنيات الصحية وترتفع جودة الخدمات المقدمة، مما يؤكد استمرار هذا الورش الوطني في تحقيق أهدافه الاجتماعية والتنموية.
المركز الصحي بأولاد داحو يعكس هذا التوجه بشكل جلي، إذ يوفر رعاية متخصصة لفائدة النساء الحوامل، ويُسهِم في تخفيف الضغط على باقي المؤسسات الصحية بالمنطقة، مع ضمان ولادات آمنة وخدمات فحص متقدمة.
إعادة تهيئة بميزانية تناهز 6 ملايين درهم لتحسين جودة الخدمات
في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد رئيس مصلحة برنامج الدفع بالرأسمال البشري والأجيال الصاعدة بعمالة إنزكان–آيت ملول أن مشروع إعادة تهيئة وتجديد المركز تم في إطار برنامج تقليص الفوارق المجالية الممول من صندوق التنمية القروية.
وقد بلغت التكلفة المالية لهذه العملية حوالي ستة ملايين درهم، وهي استثمارات موجهة لسد النقص الذي تعاني منه الجماعة في مجال الرعاية الصحية، خاصة في الخدمات المتعلقة بالنساء والأطفال. ويُعد هذا المشروع مثالًا على التقاء جهود عدة مؤسسات وطنية لضمان تنمية اجتماعية مستدامة.
تصريح رئيس المركز الصحي: خدمات موسعة لفائدة 11 دوارًا
من جانبه، أكد الدكتور عبد اللطيف لمطاوش، رئيس المركز الصحي، أن البنية الصحية عرفت تحسينات شاملة أعادت إليها الحيوية والجاهزية. وأوضح أن المركز يقدم خدمات واسعة لساكنة تقدر بحوالي 11 دوارًا، مما يبرز أهميته في التخفيف من عبء التنقل الذي كان يرهق المواطنين للوصول إلى مراكز صحية بعيدة.
تشمل هذه الخدمات العلاجات الأولية، تتبع الحمل، الفحوصات الطبية الروتينية، الكشف بالصدى، والاستجابة للحالات المستعجلة. كما تلعب القابلات دورًا محوريًا في ضمان ولادة آمنة للأمهات في الجماعة.
تحسين صحة الأم والطفل: هدف محوري في العالم القروي
تواصل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إيلاء أهمية قصوى لصحة الأم والطفل باعتبارها مؤشرًا أساسيًا على مستوى التنمية البشرية. ويأتي المركز الصحي لأبناء أولاد داحو كآلية أساسية لضمان:
-
تتبع الحمل والولادة في ظروف آمنة
-
تقديم توجيه ودعم صحي للنساء
-
توفير لقاحات الأطفال والخدمات الصحية الوقائية
-
تحسين المؤشرات الصحية في الوسط القروي
هذه المجهودات تترجم الاهتمام المولوي السامي بإنعاش المناطق القروية والنهوض بجودة حياة الساكنة.
مكاسب اجتماعية وتنموية تتجاوز الجانب الصحي
لا يقتصر أثر المركز الصحي على تقديم العلاج فحسب، بل يمتد إلى:
-
تعزيز ثقة الساكنة في الخدمات العمومية
-
تقليص نسب وفيات الأمهات والأطفال
-
تحسين مؤشرات التنمية البشرية
-
دعم استقرار الأسر القروية عبر تقليل الأعباء الصحية
-
خلق دينامية محلية في الوعي الصحي
كما أن المركز يشكل نقطة تحول في المجال الصحي للجماعة، ويعتبر عنصرًا أساسيًا في البنية التحتية الاجتماعية، مما يساهم في تحقيق تنمية مستدامة قائمة على العدالة المجالية.
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية: مشروع اجتماعي برؤية استراتيجية واضحة
منذ انطلاقتها، ركَّزت المبادرة على محاربة الهشاشة والفقر، ودعم ولوج المواطنين إلى الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الصحة. ومع مرور السنوات، أثبتت المقاربة نجاحها عبر:
-
بناء وتأهيل عشرات المؤسسات الصحية
-
تعزيز الموارد البشرية
-
تطوير برامج خاصة بالأم والطفل
-
تأهيل المناطق القروية لتصبح فضاءات آمنة وصحية
ومع كل منشأة جديدة—مثل المركز الصحي لجماعة أولاد داحو—يتجدد التأكيد على نجاح هذه السياسة الوطنية في جعل صحة المواطنين في قلب الأولويات.
يشكل المركز الصحي القروي بأولاد داحو مثالًا حيًا على نجاح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تعزيز الخدمات الصحية في العالم القروي. فمن خلال توفير بنية حديثة مجهزة ومؤهلة، وتقديم خدمات طبية أساسية ومتخصصة للنساء والأطفال، يساهم هذا المشروع في تحسين جودة الحياة ودعم العدالة الاجتماعية والمجالية.
إن استمرار مثل هذه المشاريع يؤكد أن المملكة تسير بثبات نحو تعزيز منظومتها الصحية، وتحقيق تنمية متوازنة شاملة تُعطي الأولوية للإنسان ورفاهيته.
