يشكل اليوم الوطني لمحاربة داء السرطان، الذي يصادف 22 نونبر من كل سنة، محطة أساسية لرفع مستوى الوعي بخطورة هذا المرض، وتسليط الضوء على أهمية الوقاية والكشف المبكر، إضافة إلى إبراز المكتسبات التي حققها المغرب في معركته المستمرة ضد واحد من أخطر الأمراض المزمنة عالميًا. ومع تسجيل أكثر من 50 ألف إصابة جديدة سنويًا بالمملكة، تتعزز الحاجة إلى جهود جماعية ومستدامة للحد من تطور المرض وإنقاذ الأرواح.

ارتفاع أعداد الإصابات عالميًا ووطنيا

توقعات دولية تنذر بتفاقم الوضع

تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد المصابين بالسرطان قد يرتفع إلى أكثر من 35 مليون حالة بحلول سنة 2050، أي بزيادة قدرها 77% مقارنة بسنة 2022. وتبرز هذه التوقعات الحاجة الملحة لتكثيف برامج الوقاية والتشخيص المبكر وتوسيع الولوج إلى العلاج.

الوضع في المغرب حسب أحدث التقارير

حسب سجل السرطانات بالدار البيضاء الكبرى (2018–2021):

  • لدى النساء:

    • سرطان الثدي: 39.1%

    • سرطان الغدة الدرقية: 11.9%

    • سرطان القولون: 7.7%

    • سرطان عنق الرحم: 6.5%

  • لدى الرجال:

    • سرطان الرئة: 25.8%

    • سرطان البروستات: 14.1%

    • سرطان القولون: 9.9%

هذه الأرقام تؤكد أن السرطان يمثل تحديًا صحيًا متصاعدًا يتطلب استراتيجيات فعالة للحد من مخاطره.

الجهود الوطنية لمحاربة السرطان

مخططات وطنية متقدمة منذ 2010

منذ إطلاق المخطط الوطني الأول للوقاية ومراقبة السرطان (2010–2019)، شهد المغرب طفرة حقيقية في تنظيم برامج الفحص المبكر، خاصة لسرطان الثدي وعنق الرحم. وقد تعززت هذه الجهود عبر المخطط الثاني (2020–2029) الذي يعطي الأولوية للوقاية وتسهيل الولوج للعلاجات الحديثة.

حملات للكشف المبكر والتوعية

تقوم وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بتنظيم حملات مكثفة للكشف المبكر وتشخيص الحالات الصامتة، إضافة إلى توفير معلومات حول عوامل الخطر، والفحوصات الضرورية، والفئة العمرية المستهدفة لكل نوع من أنواع السرطان.

التلقيح كآلية وقائية مهمة

أدرج المغرب في أكتوبر 2022 لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) ضمن برنامجه الوطني للتلقيح للفتيات البالغات 11 سنة. ويسهم هذا الإجراء في تقليص حالات سرطان عنق الرحم، الذي يودي بحياة أكثر من 350 ألف امرأة سنويًا حول العالم.

تحسين الولوج إلى العلاج والرعاية الصحية

افتتاح مراكز متخصصة في مختلف الجهات

عملت المملكة على تعزيز بنيتها الصحية عبر:

  • إنشاء 12 مركزًا جهويا للأورام

  • افتتاح 57 مركزًا مرجعيا للصحة الإنجابية

  • تجهيز 27 وحدة متنقلة لتصوير الثدي بالأشعة

  • إحداث مراكز تميز في الرباط والدار البيضاء

هذه البنية المتقدمة تسهم في تقريب الخدمات العلاجية من المواطنين، خاصة بالمناطق القروية والنائية.

علاجات حديثة ودينامية بحثية متقدمة

توضح الدكتورة كوثر الحساني، أخصائية علاج الأورام، أن التشخيص المبكر يرفع فرص الشفاء بشكل كبير، ويساهم في تخفيض تكلفة العلاج. كما أشارت إلى التطور الملحوظ في البحث العلمي بالمغرب، الذي تقوده مؤسسات مثل معهد أبحاث السرطان في فاس و مركز محمد السادس للبحث والابتكار بالرباط، مما دعم إدماج علاجات موجهة وعلاج مناعي وأساليب جراحية دقيقة.

أهمية الوقاية كأفضل خط دفاع

الوقاية يمكن أن تمنع نصف الوفيات

وفق منظمة الصحة العالمية، يمكن تجنب 30 إلى 50% من الوفيات الناجمة عن السرطان عبر:

  • الابتعاد عن التدخين والكحول

  • اعتماد نظام غذائي متوازن

  • ممارسة النشاط البدني

  • إجراء فحوصات دورية

  • الحماية من الأشعة فوق البنفسجية

الوقاية من سرطان الجلد

تحذر الدكتورة جيهان بن أحمد من مخاطر التعرض لأشعة الشمس، مؤكدة أهمية استخدام واقي الشمس يوميًا حتى في الأيام الباردة أو الغائمة.

يشكل اليوم الوطني لمحاربة داء السرطان مناسبة لتعزيز التعبئة الوطنية للحد من انتشار المرض. فالمعركة ضد السرطان مسؤولية جماعية تتقاسمها الحكومة، والباحثون، والمؤسسات الصحية، والمجتمع المدني، وكل فرد في المجتمع. والوقاية تبقى دائمًا الخطوة الأولى والأهم لحماية أنفسنا وأسرنا.