شهد إقليم آسفي مساء الأحد وضعًا مأساويًا إثر تساقطات رعدية قوية وغير مسبوقة تسببت في فيضانات آسفي المفاجئة، مخلفة خسائر بشرية جسيمة وحالة من الحزن والصدمة وسط الساكنة. وأفادت السلطات المحلية أن هذه الظاهرة الطبيعية الاستثنائية أدت إلى ارتفاع حصيلة الوفيات إلى أربع عشرة حالة، إضافة إلى عشرات المصابين، في وقت تتواصل فيه جهود الإنقاذ والبحث عن مفقودين محتملين، وسط تعبئة شاملة لمختلف المصالح المعنية.

التساقطات الرعدية القوية تتحول إلى فيضانات استثنائية

عرف إقليم آسفي، في ظرف زمني وجيز، تساقطات رعدية كثيفة فاقت المعدلات المعتادة، ما أدى إلى تدفقات مائية جارفة في عدد من المناطق، خاصة المنخفضة منها والأودية والشعاب. هذه الأمطار الغزيرة لم تترك مجالًا للتربة لامتصاص المياه، فتحولت بسرعة إلى سيول قوية جرفت معها مركبات وأغرقت منازل وأماكن عبور، متسببة في فيضانات آسفي التي وصفتها السلطات بالاستثنائية من حيث الحدة والسرعة.

ارتفاع حصيلة الوفيات إلى 14 حالة

أكدت السلطات المحلية بإقليم آسفي، في حصيلة محينة، أن عدد الوفيات الناتجة عن فيضانات آسفي ارتفع إلى أربع عشرة حالة وفاة، في حصيلة أولية مرشحة للتغيير في حال تسجيل حالات جديدة أو العثور على مفقودين. وتعود أسباب الوفيات، حسب المعطيات المتوفرة، إلى جرف السيول للأشخاص أو محاصرتهم داخل مركبات أو مساكن غمرتها المياه بشكل مفاجئ، ما يعكس خطورة الوضع الذي عرفه الإقليم خلال ساعات قليلة.

32 مصابًا وتفاوت في خطورة الحالات

إلى جانب الخسائر البشرية، تم تسجيل إصابة اثنين وثلاثين شخصًا بجروح متفاوتة الخطورة، جرى نقلهم على وجه السرعة إلى المستشفيات والمراكز الصحية القريبة. وأوضحت السلطات أن غالبية المصابين غادروا المستشفى بعد تلقي الإسعافات والعلاجات الضرورية، في حين لا تزال بعض الحالات تخضع للمراقبة الطبية، ما يعكس سرعة تدخل الطواقم الصحية واستعدادها لمواجهة تداعيات فيضانات آسفي.

تعبئة شاملة لمختلف المصالح العمومية

منذ الساعات الأولى لوقوع الفيضانات، أعلنت السلطات العمومية حالة تعبئة شاملة، حيث جرى تسخير مختلف القطاعات والمتدخلين، بما في ذلك الوقاية المدنية، والدرك الملكي، والقوات المساعدة، والسلطات المحلية، من أجل التدخل الميداني السريع. وشملت هذه الجهود عمليات إنقاذ العالقين، وتأمين المناطق المتضررة، وتنظيم حركة السير، إضافة إلى تقديم الدعم النفسي والمادي للأسر المتضررة من فيضانات آسفي.

عمليات البحث عن مفقودين محتملين

أكد المصدر ذاته أن عمليات البحث لا تزال متواصلة عن مفقودين محتملين، خاصة في المناطق التي شهدت تدفقات مائية قوية. وتتم هذه العمليات في ظروف صعبة بسبب تراكم الأوحال والمياه، غير أن فرق الإنقاذ تواصل عملها دون انقطاع، مستعملة مختلف الوسائل اللوجستية والتقنية المتاحة، في سباق مع الزمن للعثور على أي ناجين محتملين أو جثامين مفقودة.

الأضرار المادية وتأثيرها على الساكنة

لم تقتصر تداعيات فيضانات آسفي على الخسائر البشرية فقط، بل امتدت لتشمل أضرارًا مادية كبيرة، تمثلت في تضرر منازل، وانهيار بعض البنيات الهشة، وانجراف طرق ومسالك قروية، إضافة إلى إتلاف محاصيل فلاحية وممتلكات خاصة. هذه الخسائر خلفت حالة من القلق وسط الساكنة، خاصة الأسر التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها دون مأوى أو وسائل عيش، ما يستدعي تدخلًا عاجلًا لتقديم الدعم والمساعدة.

دور الوقاية المدنية في الحد من الخسائر

لعبت عناصر الوقاية المدنية دورًا محوريًا في التدخل خلال فيضانات آسفي، حيث قامت بعمليات إنقاذ معقدة شملت إخراج أشخاص حاصرتهم المياه، وسحب مركبات جرفتها السيول، إضافة إلى ضخ المياه من بعض المنازل والمؤسسات. هذا التدخل السريع ساهم في تقليص حجم الخسائر، رغم صعوبة الظروف وخطورة الوضع.

التضامن المحلي ومبادرات الدعم

في خضم هذه الفاجعة، برزت مظاهر التضامن المحلي، حيث سارع عدد من المواطنين والجمعيات إلى تقديم المساعدة للمتضررين، سواء عبر توفير مواد غذائية، أو أغطية، أو فتح منازل لإيواء الأسر التي فقدت مساكنها. هذا التضامن يعكس روح التآزر التي يتميز بها المجتمع المغربي في مواجهة الكوارث الطبيعية، ويخفف جزئيًا من معاناة ضحايا فيضانات آسفي.

التغيرات المناخية وخطر الظواهر القصوى

تعيد فيضانات آسفي إلى الواجهة النقاش حول تأثير التغيرات المناخية وارتفاع وتيرة الظواهر الجوية القصوى، مثل الأمطار الرعدية الغزيرة والفيضانات المفاجئة. ويؤكد خبراء أن هذه الأحداث مرشحة للتكرار في المستقبل، ما يستدعي تعزيز آليات الوقاية، وتحديث البنيات التحتية، واعتماد سياسات استباقية للحد من المخاطر وحماية الأرواح والممتلكات.

أهمية التوعية والإنذار المبكر

تبرز هذه الحادثة المأساوية أهمية التوعية بمخاطر الفيضانات، خاصة في المناطق المعرضة لها، وضرورة الالتزام بتعليمات السلامة وتجنب عبور الأودية والمجاري المائية أثناء التساقطات القوية. كما يظل تطوير أنظمة الإنذار المبكر والتواصل الفعال مع الساكنة عنصرًا أساسيًا للحد من الخسائر البشرية في حالات مشابهة لما عرفته فيضانات آسفي.

تشكل فيضانات آسفي واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية إيلامًا التي شهدها الإقليم في الآونة الأخيرة، بعدما خلفت 14 وفاة وعشرات المصابين وأضرارًا مادية جسيمة. وبينما تتواصل جهود البحث والإنقاذ وتقديم الدعم للمتضررين، تبقى هذه الفاجعة تذكيرًا مؤلمًا بضرورة تعزيز الاستعداد لمواجهة الكوارث الطبيعية، وتكثيف الجهود لحماية الأرواح وضمان سلامة المواطنين في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.