انطلقت رسميًا استعدادات المنتخب الوطني لكأس إفريقيا للأمم 2025، الحدث الكروي الأبرز الذي تحتضنه المملكة المغربية وسط ترقب جماهيري واسع وطموحات كبيرة بمعانقة اللقب القاري. هذا الاستحقاق، الذي يمتد من 21 دجنبر 2025 إلى 19 يناير 2026، يشكل محطة مفصلية في مسار كرة القدم الوطنية، ليس فقط لكون المغرب بلد التنظيم، ولكن أيضًا بالنظر إلى التطور اللافت الذي عرفته الكرة المغربية خلال السنوات الأخيرة. وفي هذا السياق، دخلت العناصر الوطنية في تجمع إعدادي مغلق، يهدف إلى رفع الجاهزية البدنية والتكتيكية، وبناء الانسجام الجماعي، استعدادًا لمنافسة قارية قوية تتطلب أعلى درجات التركيز والاحترافية.

انطلاق التجمع الإعدادي في أجواء احترافية
شهد يوم الاثنين 15 دجنبر 2025 انطلاق التجمع الإعدادي للمنتخب الوطني بمركب محمد السادس لكرة القدم بالمعمورة، وهو الصرح الرياضي الذي أصبح رمزًا للتطور البنيوي الذي تعرفه كرة القدم المغربية. اختيار هذا المركب يعكس حرص الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والطاقم التقني على توفير أفضل الظروف اللوجستيكية والطبية والرياضية للاعبين، بما يضمن تحضيرًا متكاملًا يرقى إلى حجم المنافسة القارية المنتظرة.
الأجواء التي طبعت اليوم الأول من الاستعدادات اتسمت بالجدية والانضباط، حيث أبدى اللاعبون التزامًا واضحًا بالتعليمات التقنية، ورغبة قوية في تقديم أفضل ما لديهم. هذا المعطى يعكس وعي العناصر الوطنية بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، خاصة في ظل الدعم الجماهيري الكبير الذي يرافق المنتخب في كل المحافل.

الحصة التدريبية الأولى تحت قيادة وليد الركراكي
أجرى المنتخب الوطني أول حصة تدريبية له تحت إشراف الناخب الوطني السيد وليد الركراكي، الذي يقود هذه المرحلة التحضيرية بخبرة تراكمت من خلال مشاركاته السابقة في المنافسات القارية والدولية. وقد ركزت الحصة الأولى على الجوانب البدنية، بهدف رفع الإيقاع واسترجاع النسق التنافسي للاعبين بعد فترات متفاوتة من المشاركة مع أنديتهم.
كما تضمنت الحصة تمارين تقنية تهدف إلى تحسين التحكم في الكرة، سرعة التمرير، والانتقال السلس بين الدفاع والهجوم. وحرص الطاقم التقني على إدراج تمارين خاصة بالانسجام الجماعي، إدراكًا لأهمية التناغم بين الخطوط الثلاثة، خاصة في بطولة قصيرة المدى تتطلب جاهزية فورية منذ المباراة الأولى.

برنامج إعدادي متكامل ومتنوع
يعتمد البرنامج الإعدادي للمنتخب الوطني على مقاربة شمولية تجمع بين الجوانب البدنية، التقنية، التكتيكية، والذهنية. فإلى جانب الحصص التدريبية المكثفة، تم تخصيص فترات للاستشفاء، والعمل داخل قاعة تقوية العضلات، إضافة إلى جلسات تحليل بالفيديو لدراسة أسلوب اللعب الجماعي، وتصحيح الأخطاء المحتملة.
كما يولي الطاقم التقني أهمية كبيرة للجانب الذهني، من خلال تحفيز اللاعبين على التعامل الإيجابي مع ضغط المنافسة وتوقعات الجماهير، خاصة وأن المنتخب يلعب على أرضه وأمام جمهوره. هذا العامل النفسي يعتبر عنصرًا حاسمًا في البطولات الكبرى، وقد يكون الفارق بين النجاح والإخفاق.

اكتمال الصفوف تدريجيًا وبناء الانسجام
شارك في الحصة التدريبية الأولى غالبية اللاعبين الذين تمت المناداة عليهم، على أن يكتمل عدد العناصر الوطنية خلال الحصص المقبلة، بعد التحاق بعض المحترفين القادمين من الدوريات الأوروبية والعربية. هذا الالتحاق التدريجي يفرض على الطاقم التقني العمل على تسريع عملية الاندماج، وضمان الانسجام بين اللاعبين المحليين والمحترفين.
ويُنتظر أن تشكل الأيام المقبلة فرصة مهمة لاختبار بعض الاختيارات التكتيكية، ومنح الفرصة للعناصر الجديدة لإثبات جاهزيتها، في إطار المنافسة الشريفة على الرسمية، التي تصب في مصلحة المجموعة ككل.

استضافة المغرب لكأس إفريقيا للأمم: مسؤولية وفرصة تاريخية
إن احتضان المغرب لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025 لا يمثل مجرد تنظيم حدث رياضي، بل هو مسؤولية وطنية وفرصة تاريخية لإبراز قدرة المملكة على تنظيم التظاهرات الكبرى وفق أعلى المعايير الدولية. الملاعب الحديثة، البنية التحتية المتطورة، والخبرة التنظيمية المتراكمة، كلها عوامل تعزز من مكانة المغرب كوجهة رياضية رائدة في القارة الإفريقية.
بالنسبة للمنتخب الوطني، فإن اللعب على أرضه يمنحه امتياز الدعم الجماهيري، لكنه في المقابل يفرض ضغطًا إضافيًا، يتطلب نضجًا تكتيكيًا وذهنيًا عاليًا للتعامل مع مختلف السيناريوهات المحتملة خلال البطولة.

تطلعات الجماهير المغربية وآمال التتويج
تعقد الجماهير المغربية آمالًا كبيرة على المنتخب الوطني في هذه النسخة من كأس إفريقيا للأمم، خاصة بعد النتائج الإيجابية التي حققها في السنوات الأخيرة، والتي أعادت الثقة في المشروع الكروي الوطني. الشارع الرياضي المغربي يتطلع إلى رؤية منتخب منظم، قتالي، وقادر على فرض أسلوب لعبه أمام أقوى المنتخبات الإفريقية.
هذه التطلعات المشروعة تشكل حافزًا إضافيًا للاعبين، لكنها في الوقت نفسه تتطلب إدارة ذكية للضغوط، حتى لا تتحول الآمال الكبيرة إلى عبء نفسي يؤثر على الأداء داخل الملعب.

دور الطاقم التقني في صناعة منتخب تنافسي
يلعب الطاقم التقني، بقيادة وليد الركراكي، دورًا محوريًا في هذه المرحلة الحاسمة من الاستعدادات. فنجاح أي منتخب في بطولة قارية يعتمد بشكل كبير على وضوح الرؤية التكتيكية، حسن اختيار العناصر، والقدرة على التكيف مع مختلف أنماط اللعب.
ويُنتظر أن يعتمد المنتخب الوطني على مزيج من الانضباط الدفاعي، السرعة في التحولات، والفعالية الهجومية، مع استغلال المهارات الفردية للاعبين في الثلث الأخير من الملعب. هذا التوازن التكتيكي قد يشكل مفتاح النجاح في مشوار البطولة.

جاهزية بدنية وتكتيكية لمنافسة قوية
تتميز كأس إفريقيا للأمم بقوة المنافسة وتقارب المستويات بين المنتخبات، ما يجعل الجاهزية البدنية عاملًا حاسمًا في حسم المباريات، خاصة في الأدوار المتقدمة. لذلك، يركز البرنامج الإعدادي الحالي على رفع القدرة على التحمل، تحسين السرعة، وتقليل مخاطر الإصابات.
على المستوى التكتيكي، يسعى الطاقم التقني إلى تنويع الحلول داخل الملعب، حتى يكون المنتخب قادرًا على التعامل مع مختلف أساليب اللعب، سواء المنتخبات التي تعتمد على الاستحواذ أو تلك التي تفضل التراجع والدفاع المنظم.


تشكل استعدادات المنتخب الوطني لكأس إفريقيا للأمم 2025 مرحلة دقيقة ومفصلية في مسار الكرة المغربية. انطلاق التجمع الإعدادي بمركب محمد السادس، تحت قيادة وليد الركراكي، يعكس جدية الطموح والإصرار على الظهور بمستوى يليق بمكانة المغرب الكروية. وبين جاهزية اللاعبين، دعم الجماهير، والتنظيم المحكم، تتجه الأنظار إلى المنتخب الوطني أملاً في تحقيق إنجاز قاري جديد يخلد في ذاكرة الكرة الإفريقية.