يشكل تسليم حافلات النقل المدرسي بتارودانت دفعة قوية لمسار دعم التعليم بالعالم القروي، في سياق الجهود الوطنية للحد من الهدر المدرسي وتيسير ولوج الفتيات والتلاميذ من المناطق النائية إلى المؤسسات التعليمية. وتأتي هذه العملية في إطار رؤية شمولية تتبناها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للنهوض بالرأسمال البشري وتقليص الفوارق المجالية.

مبادرة رائدة في خدمة التعليم: تسليم 21 حافلة لعدد من الجماعات الترابية

شهد مقر عمالة إقليم تارودانت، يوم الخميس 27 نونبر 2025، حفلًا رسميًا لتسليم 21 حافلة للنقل المدرسي لفائدة جماعات ترابية قروية. وترأس هذا الحفل عامل الإقليم، مبروك تابت، بحضور رئيس مجلس الإقليم محمد العباس، وعدد من المنتخبين والفاعلين في المجتمع المدني.
وتأتي هذه الخطوة ضمن برنامج الدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، أحد البرامج الأساسية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

استثمار مهم بقيمة تفوق 9 ملايين درهم

بلغ الغلاف المالي المخصص لهذه العملية 9 ملايين و14 ألفًا و250 درهمًا، وهو استثمار يعكس الاهتمام المتزايد بتحسين ظروف التمدرس، خصوصًا بالمناطق القروية التي تعاني من ضعف في البنيات التحتية والخدمات اللوجستية. ويهدف هذا التمويل إلى تعزيز أسطول النقل المدرسي، وضمان نقل آمن ومريح لفائدة التلاميذ الذين يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى مدارسهم.

الجماعات المستفيدة: تغطية واسعة للوسط القروي

شملت عملية تسليم الحافلات عددًا كبيرًا من الجماعات الترابية، ضمن مقاربة تهدف إلى تعميم خدمات النقل المدرسي على مختلف المناطق المحتاجة. ومن بين الجماعات المستفيدة:
إيمولاس، سيدي أحمد أوعبد الله، بونرار، سيدي بوموسى، الكدية البيضاء، مشرع العين، تلمكانت، إسن، زاوية سيدي الطاهر، أيت عبد الله، تتاوت، أضار، النحيت، أوزيوة، أسكاون، تاسوسفي، زاكموزن، إكلي، أرزان، إيكودار لمنابها، وسيدي وعزيز.
وتبرز هذه اللائحة شمولية المبادرة واتساع نطاقها، مما يؤكد الرغبة في ضمان تكافؤ الفرص بين مختلف الجماعات القروية.

تصريحات رسمية: النقل المدرسي رافعة لمحاربة الهدر المدرسي

أكد عبد الرحيم بولقات، رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة إقليم تارودانت، أن الحافلات المدرسية المسلّمة ستشكل إضافة قوية للأسطول الإقليمي، وستساهم بشكل مباشر في الحد من الهدر المدرسي، خاصة في صفوف الفتيات بالعالم القروي.
وأشار بولقات إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تعتبر النقل المدرسي أحد أهم آليات دعم التمدرس، نظرًا لتأثيره المباشر في تحسين المؤشرات التربوية وتشجيع استدامة التعلم.

أهمية النقل المدرسي في تعزيز التنمية البشرية

يشكل النقل المدرسي عنصرًا جوهريًا في المنظومة التعليمية، خاصة بالقرى والجبال حيث تواجه الأسر صعوبات للوصول إلى المؤسسات التعليمية.
ومن خلال توفير وسائل نقل مناسبة وآمنة، يتم الحد من انقطاع التلاميذ عن الدراسة، وتسهيل متابعة الفتيات لتعليمهن دون عراقيل، ما ينعكس إيجابًا على التنمية المحلية.
كما يساهم النقل المدرسي في:

  • تخفيف الأعباء المادية عن الأسر

  • ضمان استمرارية التمدرس في الفصول الباردة أو الممطرة

  • تقليص نسب الانقطاع في المستويات الابتدائية والإعدادية

  • تعزيز فرص الأطفال في استكمال مساراتهم التعليمية

شراكات لتعزيز تكافؤ الفرص

تندرج هذه المبادرة في إطار شراكة بين اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية ومجلس إقليم تارودانت، عبر رؤية مشتركة تركز على دعم التعليم الإلزامي وتحقيق العدالة المجالية.
وتبقى هذه الشراكات نموذجًا يحتذى به لما لها من تأثير مباشر على مستقبل الأجيال الصاعدة، وعلى دينامية التنمية المحلية المرتبطة أساسًا بالعامل البشري.

محاربة الهدر المدرسي: رهان استراتيجي لإقليم تارودانت

يمثل الهدر المدرسي تحديًا رئيسيًا في الوسط القروي، حيث تضطر أعداد كبيرة من الأطفال إلى الانقطاع عن الدراسة بسبب بُعد المؤسسات وصعوبة التنقل.
ولذلك، تشكل عملية تسليم حافلات النقل المدرسي بتارودانت خطوة عملية وملموسة في مواجهة هذه الظاهرة، عبر توفير وسائل نقل قادرة على تأمين وصول التلاميذ إلى مدارسهم يوميًا.
كما تُظهر هذه المبادرة قدرة المؤسسات المحلية على التنسيق وتوجيه الاستثمارات نحو ما يخدم مصلحة المتعلمين، ويعزز جودة التعليم وتكافؤ الفرص.

انعكاسات المبادرة على مستقبل التعليم بالإقليم

من المتوقع أن تساهم هذه الحافلات الجديدة في:

  • تحسين نسب الحضور والمواظبة

  • رفع جودة التعلم بفضل الاستقرار الدراسي

  • تعزيز ثقة الأسر في ولوج بناتها للتعليم

  • تخفيف الضغط على الجماعات التي كانت تعتمد على وسائل محدودة

  • دعم التنمية البشرية على المدى الطويل من خلال الاستثمار في العنصر البشري

خاتمة: نموذج تنموي يعزز الاندماج التربوي

لا شك أن تسليم حافلات النقل المدرسي بتارودانت يعكس إرادة حقيقية لتحسين منظومة التعليم بالوسط القروي، من خلال توفير شروط التمدرس اللائق وضمان استمرار التلاميذ في مسارهم الدراسي.
وتؤكد هذه المبادرة أن الاستثمار في التعليم القروي هو استثمار في مستقبل التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية للإقليم ولمغرب الغد.