شكلت فيضانات آسفي واحدة من أخطر الأحداث الطبيعية التي عرفها الإقليم خلال السنوات الأخيرة، بعدما تسببت التساقطات المطرية الرعدية الاستثنائية في سيول قوية ومفاجئة خلفت خسائر بشرية ومادية جسيمة، الأمر الذي استدعى عقد اجتماع طارئ بمقر عمالة إقليم آسفي، في خطوة تعكس حجم التحديات المطروحة وضرورة التدخل العاجل لحماية الساكنة والتخفيف من آثار هذه الكارثة الطبيعية.
اجتماع طارئ لمواجهة تداعيات فيضانات آسفي
عُقد يوم الاثنين 15 دجنبر بمقر عمالة إقليم آسفي اجتماع طارئ على إثر الفيضانات والتساقطات المطرية الاستثنائية التي عرفتها المدينة ومحيطها، والتي أفرزت وضعًا مقلقًا استدعى استنفارًا واسعًا من قبل السلطات المحلية والجهوية. وقد خُصص هذا الاجتماع للوقوف بشكل دقيق على الوضعية العامة بالإقليم، ورصد حجم الخسائر التي خلفتها السيول الجارفة، إلى جانب تقييم التدخلات المنجزة والوقوف على نجاعة الإجراءات المتخذة ميدانيًا.
ترؤس رفيع المستوى يعكس خطورة الوضع
ترأس هذا الاجتماع والي جهة مراكش–آسفي عامل عمالة مراكش، خطيب الهبيل، بحضور عامل إقليم آسفي محمد فطاح، ورئيس مجلس الجهة، إلى جانب السلطات الأمنية الجهوية ومسؤولي المصالح اللاممركزة المعنية، ما يعكس الأهمية القصوى التي توليها الدولة لهذا الملف، وحرصها على التعامل مع تداعيات فيضانات آسفي بأقصى درجات الجدية والمسؤولية.
تقييم شامل للوضعية العامة بالإقليم
ركز الاجتماع على تقييم الوضعية العامة بمدينة آسفي وباقي المناطق المتضررة، حيث تم تقديم معطيات مفصلة حول الأحياء التي تضررت بشكل مباشر من السيول القوية، والبنيات التحتية التي لحقتها أضرار متفاوتة، إضافة إلى الخسائر التي مست الممتلكات الخاصة والعامة. كما تم التطرق إلى تأثير هذه الفيضانات على الحياة اليومية للساكنة، وعلى حركة السير، وشبكات الماء والكهرباء، والمرافق الحيوية.
حصيلة ثقيلة للخسائر البشرية
من أبرز النقاط التي تم التوقف عندها خلال الاجتماع، الحصيلة المحينة للخسائر البشرية الناجمة عن التساقطات الرعدية الاستثنائية التي شهدها إقليم آسفي مساء الأحد، حيث أكدت معطيات السلطات المحلية أن عدد الضحايا ارتفع إلى سبعة وثلاثين شخصًا، في حصيلة مؤلمة تعكس شدة السيول وقوة تدفق مياه الأمطار في فترة زمنية وجيزة، ما صعب من عمليات الإنقاذ في بعض المناطق.
تدارس الإجراءات الاستعجالية
ناقش المشاركون في الاجتماع مختلف الإجراءات الاستعجالية الواجب اتخاذها للتخفيف من آثار فيضانات آسفي وضمان سلامة المواطنين، حيث تم التأكيد على ضرورة التدخل السريع لإيواء المتضررين، وتأمين المناطق المنكوبة، وإعادة فتح الطرق المتضررة، إلى جانب تسريع عمليات إصلاح الأضرار التي لحقت بالبنيات التحتية الأساسية.
تعبئة شاملة للموارد البشرية واللوجستيكية
أكد الاجتماع على تعبئة جميع الموارد البشرية واللوجستيكية الضرورية لمواجهة تداعيات الفيضانات، بما في ذلك فرق الوقاية المدنية، والمصالح الصحية، والقوات العمومية، والجماعات الترابية، مع تعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين لضمان فعالية التدخلات وتفادي أي ارتباك ميداني قد يؤثر على سرعة الاستجابة.
التنسيق المحكم بين مختلف المتدخلين
شدد والي الجهة خلال الاجتماع على أهمية التنسيق المحكم بين السلطات المحلية، والمصالح الأمنية، والمصالح اللاممركزة، ومختلف الشركاء، من أجل تدبير الأزمة بشكل متكامل، وضمان انسجام التدخلات ميدانيًا، خاصة في ظل استمرار خطر التقلبات الجوية، وما قد ينتج عنها من فيضانات إضافية.
اليقظة في أعلى مستوياتها
من بين التوجيهات الأساسية التي خرج بها الاجتماع، الإبقاء على مستوى عالٍ من اليقظة، ومواصلة تتبع تطورات الوضع المناخي، مع الاستعداد للتدخل الفوري في حال تسجيل أي طارئ جديد، خصوصًا في المناطق المعروفة بهشاشتها أو قربها من مجاري الأودية والشعاب.
استمرار عمليات التمشيط والبحث
لا تزال تدخلات السلطات العمومية ومصالح الوقاية المدنية والقوات العمومية وكافة المتدخلين متواصلة، من خلال عمليات تمشيط ميداني مكثفة، تهدف إلى البحث عن مفقودين محتملين، وتقديم الإسعافات الأولية، وضمان وصول المساعدات إلى الأسر المتضررة، في إطار مقاربة إنسانية تراعي خصوصية الوضع الاجتماعي للساكنة المنكوبة.
الدعم والمواكبة للساكنة المتضررة
تم التأكيد كذلك على ضرورة تقديم الدعم والمواكبة اللازمين للساكنة المتضررة من فيضانات آسفي، سواء من خلال توفير المأوى المؤقت، أو الدعم الغذائي والطبي، أو مواكبة المتضررين نفسيًا واجتماعيًا، مع العمل على تسريع المساطر المرتبطة بجبر الأضرار وتعويض الخسائر في أقرب الآجال الممكنة.
فيضانات آسفي وسؤال البنية التحتية
أعادت فيضانات آسفي إلى الواجهة النقاش حول جاهزية البنية التحتية الحضرية على مستوى الإقليم، ومدى قدرتها على استيعاب كميات كبيرة من التساقطات المطرية في وقت وجيز، وهو ما يستدعي، وفق متتبعين، التفكير في حلول استباقية ومستدامة، تشمل تحسين شبكات تصريف المياه، وتأهيل مجاري الأودية، وتعزيز آليات الإنذار المبكر.
التغيرات المناخية وتكرار الظواهر القصوى
تندرج هذه الفيضانات في سياق أوسع مرتبط بالتغيرات المناخية، التي باتت تفرض على المدن المغربية تحديات جديدة، تتمثل في تواتر الظواهر الجوية القصوى، من أمطار غزيرة وفيضانات مفاجئة، ما يستدعي تعزيز التخطيط الحضري المرن، ودمج البعد المناخي في السياسات العمومية المحلية والجهوية.
التزام السلطات بمواصلة التدخل
أكدت السلطات خلال الاجتماع التزامها بمواصلة التدخل إلى حين تجاوز هذه الأزمة، والعمل على إعادة الأوضاع إلى طبيعتها، مع استخلاص الدروس الضرورية من هذه الفيضانات، بهدف تعزيز قدرة الإقليم على مواجهة كوارث مماثلة مستقبلاً، وضمان سلامة المواطنين وحماية ممتلكاتهم.
تظل فيضانات آسفي حدثًا أليمًا سيبقى راسخًا في ذاكرة الإقليم، بالنظر إلى الخسائر البشرية الكبيرة والأضرار المادية التي خلفها، غير أن التعبئة الشاملة التي أبانت عنها السلطات، وعقد الاجتماع الطارئ بمقر العمالة، يعكسان إرادة قوية للتعامل مع الأزمة بمسؤولية وحزم، في أفق تجاوز آثارها، ومواصلة العمل على بناء مدينة أكثر قدرة على الصمود في وجه التقلبات المناخية.
.png)